تعتبر اللغة الألمانية هي اللغة الأولى في الإتحاد الأوروبي، إذ يتحدث حوالي 24% من سكان دول الإتحاد الأوروبي الألمانية كلغة أم، يليها كل من الإنجليزية والفرنسية بنسبة 16% لكل منها. نحو 10% من الكتب في العالم تُنشر باللغة الألمانية، وتحتل الألمانية المرتبة الأولي من حيث الترجمة إليها والثالثة من حيث الترجمة منها. وحوالي 8% من صفحات الويب في الانترنت باللغة الألمانية، وهي بذلك تأتي في المرتبة الثانية بعد الإنجليزية، متفوقة على لغات أخرى مثل الفرنسية واليابانية. على مستوى العالم يتعلم أكثر من 20 مليون نسمة اللغة الألمانية كلغة أجنبية.
الألمانية هي اللغة الأم لأكثر من 120 مليون نسمة، يعيش معظمهم في ألمانيا والنمسا وسويسرا (63% من السكان) وليشتنشتاين ولوكسمبورج. وهناك أقليات تتحدث الألمانية في الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل وفرنسا وروسيا وجنوب أفريقيا وكندا وهولندا وكازاخستان والأرجنتين وإيطاليا وأستراليا وباراجواي وبولندا والمجر وبلجيكا وشيلي ورومانيا وجمهورية التشيك وأوكرانيا وناميبيا والدنمرك وسلوفاكيا وكرواتيا ومولدافيا وليتلاند وأيسلندا وليتاون. بنظرة على مناطق تواجد الأقليات الألمانية نجد أنها مناطق حدودية اُستقطعت من أراضي البلاد التي تتحدث الألمانية خلال مسيرتها التاريخية، أو مناطق هجرة وانتشار الألمان في شرق أوروبا والقارات الجديدة، أو أقليات نشأت في عصر الاستعمار والتبشير في أفريقيا.
تمتد جذور اللغة الألمانية إلى عائلة اللغات الهندو أوروبية التي تنتمي إليها مجموعات لغوية متعددة، وتنتمي اللغة الألمانية إلى مجموعة اللغات الجرمانية مع لغات أخرى مثل اللغة الإنجليزية، واللغة الهولندية، واللغة الدانمركية، واللغة السويدية. أول مراحل تاريخ اللغة الألمانية بدأت بعد الانفصال عن اللغات الجرمانية وميلاد ما سُمي باللغة الألمانية القديمة (750م – 1050م)، ثم تطورت اللغة الألمانية حتى وصلت إلى اللغة الألمانية الحديثة. وكان لمارتن لوتر الذي قاد حركة إصلاح الكنيسة ومن ثم ساهم في انقسام المسيحية إلى الكاثوليكية والبروتستانتية، دور بارز في وضع الأساس لبداية اللغة الألمانية الحديثة (1350م – 1650م). ترجم لوتر الإنجيل من اللاتينية إلى الألمانية وألف العديد من الكتب عن الترجمة والدين. كان لوتر يتمتع بحس لغوي عال، وجمعت كتاباته السمات اللغوية لكل اللهجات، وبالتالي كانت لغة لوتر حجر الأساس للألمانية الحديثة، لأن كتاباته انتشرت في كل أنحاء ألمانيا، ساعد على ذلك محتواها الديني ووجود الطباعة. ويكفي أن نعرف أن ترجمة لوتر للإنجيل طُبع منها 100 ألف نسخة في الفترة بين 1534م و 1547م.
جدير بالذكر هنا أن نذكر أن اللغة الألمانية تحتوي على العديد من الكلمات العربية مثل سكر، الكحول، الجبر وغيرها. وقد بدأ دخول الكلمات العربية إلى الألمانية في العصور الوسطى, ولكن أغلبها دخل عن طريق لغات أخرى وليس من العربية مباشرة.
يرتبط العالم العربي بعلاقات ودية ووثيقة مع البلاد التي تتحدث الألمانية، ربما يرجع ذلك إلى أن التاريخ الحديث يخلو من المصادمات مع تلك البلاد. ولكن ليس هذا هو السبب الوحيد للاهتمام المتزايد بتعلم اللغة الألمانية في العالم العربي. فهناك أيضاً النسبة العالية للسياح متحدثي اللغة الألمانية في البلاد العربية (في مصر مثلاً تبلغ نسبتهم أكثر من 30% من السياح)، كما أن الدراسة في البلاد التي تتحدث الألمانية، خصوصاً في ألمانيا، تجتذب الكثيرين من البلاد العربية. طبقاً للإحصائيات هناك أكثر من 250 ألفاً يتعلمون اللغة الألمانية في العالم العربي، منهم أكثر من 6 آلاف تخصصوا في دراسة علوم اللغة الألمانية (العلوم الجرمانية).
يمكن الحصول على درجات الليسانس أو البكالوريوس والدبلوم والماجستير والدكتوراه في اللغة الألمانية من حوالي 20 جامعة عربية. كما تقدم العديد من الجامعات العربية اللغة الألمانية كلغة ثانية لدارسي التخصصات الأخرى. على مستوى المدارس انتشرت اللغة الألمانية كلغة أجنبية أولى أو ثانية في المراحل التعليمية المختلفة في العالم العربي. إضافة إلى دارسي الألمانية في الجامعات والمدارس يوجد الآلاف الذين يتعلمون الألمانية لأسباب خاصة في معاهد جوته المنتشرة في البلاد العربية أو في المعاهد الخاصة الأخرى. جدير بالذكر هنا أنه يوجد الآن معهد جوته في أبو ظبي بدولة الإمارات لخدمة منطقة الخليج.
وكان للمملكة العربية السعودية الريادة في منطقة الخليج بإنشاء برنامج اللغة الألمانية في كلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود في عام 1415هـ الموافق 1994م، أي قبل حوالي 15 عاما، ليكون البرنامج الأول والأوحد في دول الخليج حتى الآن الذي يقدم دراسة متخصصة في اللغة الألمانية والترجمة. يدرس في هذا البرنامج سنوياً حوالي 150 طالبا.
ولم يأت إنشاء هذا البرنامج من فراغ، فللبلاد المتحدثة بالألمانية أكثر من مائتي شركة ومؤسسة ألمانية في السعودية، يعمل فيها ما يزيد عن ثلاثة آلاف مواطن يتحدثون الألمانية. وهناك سعوديون كثيرون درسوا أو ما زالوا يدرسون الماجستير والدكتوراه في البلاد المتحدثة بالألمانية. كما أن وزارة التعليم العالي بدأت في إرسال بعثات طلابية إلى ألمانيا لاستكمال الدراسة هناك.
التعاون بين البرنامج والجانب الألماني
هناك تعاون مثمر بين البرنامج والعديد من الهيئات الألمانية، يحرص البرنامج على تنميته وتطويره بما يخدم العملية التعليمية والطلاب والخريجين، و تأتي الهيئة الألمانية للتبادل العلمي (DAAD) في مقدمة الهيئات المتعاونة مع البرنامج، حيث تقدم الهيئة:
محاضراً ألمانيا يعمل في البرنامج، وهو يعد إثراءً للعملية التعليمية، ليس فقط لأنه يتحدث اللغة الهدف، بل أيضاً لأن الهيئة ألألمانية تحرص على اختيار محاضرين يملكون مؤهلات علمية متميزة.
- العديد من المنح الدراسية (عشر منح سنوياً) للطلاب للمشاركة في دورات لغوية صيفية في إحدى الجامعات ألألمانية، علاوة على بعض المنح المتفرقة للاشتراك في دورات خاصة تنظمها إحدى الجامعات ألألمانية مثل دورات التدريب على الترجمة.
- مجموعة من الكتب سنوياً لتغطية احتياجات الأساتذة لتدريس المناهج المختلفة. والسفارة الألمانية، كإحدى الهيئات ألألمانية العاملة في الرياض، لا تألو هي الأخرى جهداً في تقديم العون والدعم للبرنامج وللطلاب، حيث تنظم العديد من الندوات لتعريف الطلاب بالحضارة الألمانية، وأوجه التعاون بين المملكة العربية السعودية وألمانيا، كما تسهل السفر إلى ألمانيا للراغبين في ذلك من الطلاب. علاوة على ذلك تعقد السفارة لقاءات بين الطلاب وممثلي الشركات الألمانية في المملكة وذلك لتعريف الطلاب باحتياجات ومتطلبات هذه الشركات للعمل بها. وهنا لابد من ذكر الدور الذي تلعبه الغرفة التجارية السعودية - الألمانية في هذا الصدد.